أقيمت القداديس الاحتفالية في مختلف كنائس زغرتا - الزاوية بمناسبة عيد الفصح المجيد لدى الطوائف التي تعتمد التقويم الغربي، ففي كاتدرائية مار يوحنا المعمدان ترأس المطران جوزيف معوض القداس يعاونه الخوري اسطفان فرنجية والخوري حنا عبود، وخدمت جوقة الرعية، في حضور طوني سليمان فرنجية وحشد من المؤمنين.
وألقى معوض عظة قال فيها: "يسعدني أن أتوجه اليكم جميعا في هذا الصباح المبارك لأتمنى للجميع عيدا مباركا، وأسأل الرب أن يفيض خيراته ونعمه عليكم جميعا، وعلى عائلاتكم وعلى هذه النيابة الكريمة. كما نطلب من ربنا أن يفيض نعمه وخلاصه على هذا الوطن".
وأشار الى أنه "في هذا الصباح نحن نتأمل بقيامة سيدنا يسوع المسيح من بين الاموات ، هذه القيامة هي البشرى السارة الذي نحن كمسيحيين نعلنها للعالم، ومن هنا كلمة انجيل التي هي لفظة من أصل يوناني وتعني البشرى السارة، هذه البشرى نحن ننقلها للعالم ،أي أن يسوع المسيح قام من بين الاموات وانتصر على الموت. لماذا بشرى سارة؟ لانه هو الوحيد في التاريخ البشري الذي انتصر على الموت، والرسل عندما حل عليهم الروح القدس يوم العنصرة انطلقوا وبدأوا يبشرون، وأول حقيقة اعلنها الرسل هي أن يسوع مات وقام من بين الاموات وكل من يؤمن بهذه الحقيقة يخلص، والعيد الاول الذي بدأ المسيحيون الاحتفال به من أول ظهور المسيحية هو عيد القيامة الذين كانوا يحتفلون به اسبوعيا ولذلك كان يوم الاحد يسمى الفصح الاسبوعي. ومع مرور الوقت، وباكرا جدا بتاريخ المسيحية برز يوم أحد في السنة خصص لعيد القيامة. فما معنى قيامة يسوع المسيح من بين الاموات التي نعلنها اليوم في كل قداس خاصة في قانون الايمان حين نقول "مات وقبر وقام في اليوم الثالث"؟"
ولفت الى "ان هذه القيامة هي أولا واقع متسام عن العالم ،أي أن يسوع بعد قيامته لم يعد الى الحياة البشرية العادية، ونحن نتذكر كيف أن يسوع خلال حياته على الارض أقام ثلاثة أشخاص من الموت: أقام ابنة يئيروس والشاب فينئين واليعازر ولكن هؤلاء الاشخاص الذين أقامهم يسوع اقامهم لحياة بشرية عادية بعدما أن انهوا دورهم في هذه الحياة عادوا وماتوا من جديد. أما يسوع المسيح فلم يقم من بين الاموات كما فعل مع هؤلاء الاشخاص الثلاثة انما قيامته هي انتقال من حالة الى حالة أخرى ، هذه القيامة نستطيع تسميتها عبور وتحول اذ ان يسوع المسيح عندما قام عبر من هذا العالم الى عالم الآب، من هذا العالم المحسوس المنظور الى عالم الآب السماوي غير المنظور وغير المحسوس . وهو نفسه حين تكلم عن ذاته قال خرجت من الآب وأتيت الى هذا العالم وأترك هذا العالم وأعود الى الآب".
وأوضح أن "هذه القيامة ليست فقط عبور الى الآب انما هي أيضا تحول ، يسوع المسيح تحول بالقيامة بطبيعته البشرية هذه الطبيعة البشرية بالقيامة أصبحت طبيعة ممجدة ، روحانية غير قابلة للالم ، غير قابلة للموت . لقد أصبحت طبيعته البشرية مشاركة لطبيعة الآب السماوي الالهية . ولكن هذه القيامة التي هي واقع متسام هي أيضا حدث تاريخي لانها تركت علامات في قلب تاريخنا وقلب عالمنا. ومن هذه العلامات علامتان، الاولى القبر الفارغ فلقد سمعنا في الانجيل كيف أن النسوة المريميات عندما أتين الى القبر وجدنه فارغا وكن آتيات ليطيبن الجثمان، وحين نقرأ انجيل يوحنا فانه يخبرنا كيف أن يوحنا نفسه عندما أتى الى القبر مع بطرس وجدا القبر فارغا ويقول يوحنا عن نفسه في الانجيل انه عندما رأى القبر فارغا آمن. والقبر الفارغ هو علامة على أن يسوع المسيح لم يبق في الموت، غير أن هذه العلامة وحدها لا تكفي البعض لانها عرضة للكثير من التفسيرات".
ولفت الى أن "الثانية هي الظهورات، ويسوع المسيح كان يظهر لتلاميذه وفي هذه الظهورات فان التلاميذ الرسل الاثني عشرة التقوا بالقائم من بين الاموات وبفضل هذا اللقاء آمنوا به. الظهور هو الذي جعل التلاميذ يؤمنون بأن يسوع المسيح قام من بين الاموات، وانطلق الرسل الاثني عشرة وبدأوا يشهدون أمام العالم كله بأن يسوع قام من بين الاموات وبفضل شهادتهم بدأ العالم يؤمن بقيامة يسوع من الموت، وهذه الشهادة بدأت بتناقلها الاجيال من جيل الى جيل الى أن وصلت الينا".
وتابع: "نحن اذا اليوم نؤمن بأن يسوع قام من بين الاموات فايماننا مستند على شهادة الرسل وعلى عمل الروح القدس الذي يجعلنا نقبل هذه الشهادة ونؤمن بها على أساس أن هذه القيامة هي من الله .أما ما معنى القيامة بالنسبة لنا كمسيحيين وبماذا يفيدني ذلك ؟ ان قيامة يسوع شيء رائع وحقيقة تتخطى المنطق وتصورنا البشري ولكن ماذا يفيدني ذلك ؟ ان قيامة المسيح هي أولا بالنسبة لي أساس ايماني المسيحي ولولا قيامته من الموت لسنا اليوم هنا ولم يكن هناك شيء اسمه المسيحية. ومار بولس قال: "لو لم يقم يسوع المسيح لكان ايماننا باطلا وكنا لا نزال في خطايانا". في هذا المجال نتذكر تلميذي عماوس اللذين حين قام المسيح لم يكونا قد علما بذلك وهما يمشيان والمسيح يمشي معهما، وكانا يشعران بنوع من خيبة الامل لانهما شعرا ان كل شيء انتهى بموت المسيح على الصليب وقالا للمسيح الذي يسير معهما، وهما لا يعرفان انه هو: "كنا نحن نفكر أنه هو من سيأتي ليعطي الخلاص للبشرية ولكنه مات على الصليب". وبعد أن عرفا ان المسيح قام من بين الاموات تجدد ايمانهما لان القيامة تثبت هوية يسوع انه هو ابن الله والله اقامه من بين الاموات لانه اباه، وتثبت رسالة يسوع ان هذه الرسالة هي من الله وهي التي تعطي الخلاص ، اي كل شيء علمه المسيح وعمله هو يؤدي الى الخلاص والى القيامة من بين الاموات. وقيامة يسوع هي ايضا عربون لقيامتي انا الفرد المسيحي المؤمن لانه قام من بين الاموات".
وشدد على "انا كمسيحي اصبحت قادرا على أن أترجى أنه بعد موتي انا ايضا يمكنني أن أقوم من بين الاموات وقيامتي الشخصية أصبحت ممكنة بفضل قيامة يسوع المسيح لانه هو وحد مصيري بمصيره. فانا حين اعمد واشترك بالافخارستية، وحين اعيش حياتي ليسوع يصبح مصيري الشخصي بعد الموت كمصير المسيح، أي أنا أيضا أصبح مدعوا الى القيامة من بين الاموات ،أي أن أعبر من هذا العالم وأتحول من طبيعتي البشرية التي أنا الان فيها أتالم وأموت تصبح طبيعة ممجدة وروحانية ولا تموت ولا تتألم انما تكون تشارك الله بمجده الالهي. وأيضا قيامة يسوع المسيح هي مصدر تجددي الروحي أي أن المسيح القائم من بين الاموات هو المسيح المنتصر على الموت وعلى الخطيئة. وهذا المنتصر على الموت هو معي ومعنا جميعا ، وهو الذي يعطينا القوة لنا كبشر ان ننتصر على الخطيئة في حياتنا وان ننتصر على الشر في قلوبنا. بدون المسيح لا يمكنني الانتصار على الشر الذي في ولا على الخطيئة. اما مع يسوع المسيح فأنا استطيع أن أنتصر على الشر ولذلك فالقيامة هي مصدر لتجددنا الروحي وهي التي تجعلنا نعيش حياتنا امناء لله في كل وقت من اوقات الحياة".
وختم معوض: "في هذا الصباح المبارك الذي هو اساس ايماننا واساس حياتنا المسيحية، نطلب من الرب أن يعطينا القوة لنؤمن بانه قام من بين الاموات ولنترجى بأنه يوما ما وبعد الموت سوف نقوم من بين الاموات".
بعد القداس تقبل معوض وكهنة الرعية التهاني بعيد الفصح في قاعة الاستقبال في بيت الكهنة زغرتا.